لا أحد يعلم أين ومتى بدأت هذه
الأزمة فعلياً, هل كان قرار العقاب بالهبوط إلى الدرجة الثانية؟ أم رحيل
ديشان بعدها؟ أم فشل رانييري الذريع؟ أو ربما عدم خبرة فيرارا! أم هي كانت
على مستوى الإدارة أساساً! لأنه من المؤكد والجلي أن رحيل جان كلود بلان
واستبداله بآندريا آنييللي أدّى إلى تغييرات جذرية هامة في البيانكونيري.
وعلى الرغم من عدم تقديم
النتائج المطلوبة هذا الموسم, خاصة على الصعيد الأوروبي, لكنه من الواضح
جداً تحسن أداء اليوفي ونيته للعودة إلى حيث ينتمي.
بداية الأزمة
لا يستطيع أحد تجاهل أو انكار
التأثير السلبي الذي سببه الهبوط إلى الدرجة الثانية بعد فضيحة 2006 على
نادي السيدة العجوز. هذا الأمر الذي أدى إلى إحباط على مستوى الإدارة
واللاعبين, كما أدى إلى رحيل عدد من الأسماء الكبيرة. وعلى الرغم من
العودة السريعة – المتوقعة, والأداء الملفت بعد العودة, خاصة على صعيد
دوري الأبطال. لكن يبدو أن رحيل ديشان وقدوم رانييري من تشلسي لم يصب
لمصلحة السيدة العجوز. الأمر الذي دعا إلى إقالة رانييري واستبداله
"مؤقتاً" بتشيرو فيرارا,لكن, مع خروج اليوفي من دوري الأبطال وكأس
إيطاليا, وبعد حلوله بالمركز السادس في الدوري المحلي, كان لا بد من إقالة
فيرارا, الذي كان في الوقت عينه زميلاً لبعض من اللاعبين اللذين لا زالوا
يقدمون فروض الولاء والطاعة لألوان قميص "حبيبة إيطاليا". كما لم يكن
قرار بلان بتعيين زاكيروني مكان فيرارا قراراً صائباً, فقد كانت مهمته
بالعودة بفريق على شفير الهاوية, مهمة صعبة للغاية.
بداية الصحوة, الثلاثي الأمل
كان لا بد من التغيير! هذا كان
لسان حال مسؤولي الكرة في اليوفي, ورابطة مشجعي النادي التي تعد من أكبر
القواعد الجماهيرية في العالم عامة وإيطاليا خاصة وذلك حسب استفتاء أقامته
وكالة "ديموس & بي" للأبحاث, التي أعلنت أن جمهور السيدة العجوز في
إيطاليا يتخطى ال12 مليون مشجع, أي بنسبة 29% من المشجعين الإيطاليين,
بينما بلغت 180 مليون مشجع في العالم معظمها في منطقة الشرق الأوسط.
وبالفعل قد تمكنت الثورة التي قام بها ال"تيفوزي" من مظاهرات واعتصامات
أمام مبنى النادي وبعد كل مباراة وأحياناً خلال المباريات, كلها أدت إلى
التغيير المنشود.
ومما لا شك فيه أن أهم
خطوة اتخذت بهذا الاتجاه كانت إقالة جان كلود بلان وتعيين آندريا آنييللي
مكانه. ويكاد لا يختلف اثنان على أهمية عودة آنييللي المعنوية على الأقل,
للنادي وللمشجعين على حد سواء. فآندريا آنييللي هو حفيد سلالة عريقة كان
لها باع طويل في تاريخ البيانكونيري. وهو الوريث الوحيد لعائلة آنييللي,
ابن الراحل أومبرتو آنييللي (رئيس اليوفي 1955 – 62) ويعد رابع فرد من
العائلة يتسلم زمام الرئاسة. بعد جده, إدواردو, وعمه جيوفاني ووالده
بالطبع.
وتعتبر إحدى أهم الخطوات التي
أقدم على اتخاذها آنييللي منذ استلامه الرئاسة, هي تعيين مدرب سامبدوريا
السابق لويجي دل نيري. وهو يعتبر أن عودة انتشال اليوفي لم تكن لتصبح
ممكنة لولا وجود شخص مثل بيببي ماروتا – المدير التنفيذي لليوفنتوس, الذي
قدم أيضاً من سامبدوريا والذي بدوره أحضر معه طاقم عمله بالكامل.
المهمة الصعبة
لم تكن مهمة دل نيري لتوصف
بالمهمة العادية, فهو قدم إلى فريق يعرف بتاريخه العريق مهدداً بخسارة هذه
السمعة وطامحاً بالعودة إلى الأمجاد التي اعتاد عليها. ولا يمكن لأي مدرب
أي كان, أن يعود بنادِ عريق إلى سابق عهده ومجاراة أسماء كبيرة مرت على
تدريب هذا النادي أمثال :مارتشيللو ليببي وفابيو كابيللو وجيوفاني
تراباتوني.
وكانت البداية مع استقدام
المهارات الجديدة واجبة وحاسمة. كما وأن هذه الصفقات التي تمت قبل انطلاق
موسم 2010 – 2011, أثبتت نجاحها بشكل ملحوظ. وعلى الرغم من أن بعض هذه
الأسماء لم تثبت جدارتها حتى الآن, إن كان بسبب الإصابة أو بسبب عدم
حصولها على الفرصة بعد, لكن الدم الجديد الذي أضيف إلى نادي السيدة العجوز
أظهر ثقة ومثابرة ملفتة بعد موسمين مشينين.
استقدام المهارات
أهم هذه الصفقات كانت دون أدنى
شك صفقة لاعب سسكا موسكو السابق الصربي ميلوش كرازيتش (15 مليون يورو),
الذي ومنذ ظهوره الأول مع البيانكونيري, قدم أداءاً مميزاً لفت إليه
الأنظار,ودعا البعض لتشبيهه باللاعب الكبير التشيكي بافل ندفد, أحد أهم
اللاعبين والأكثر وفاءاً في تاريخ يوفنتوس على الإطلاق, والذي لا زال حتى
بعد اعتزاله يحرص على تقديم كل ما لديه لناديه المفضل كمدير وعضو في مجلس
إدارة اليوفي.
ومن الانتقالات الهامة التي
أثرت إيجاباً على مستوى اليوفي هذا الموسم, الحصول على خدمات ماركو
ستوراري, حارس مرمى سامبدوريا السابق, الذي, أيضاً كانت مهمته صعبة إن لم
تكن الأصعب, وهي حراسة عرين العملاق جيانلويجي بوفون, الذي يعتبر أهم حارس
مرمى في تاريخ يوفنتوس وإيطاليا على الإطلاق, وأحد أهم حراس المرمى في
العالم. لكن ستوراري تمكن من الحفاظ على هذه الأمانة الغالية لبوفون,
الغائب بسبب الإصابة.
من الأسماء الهامة أيضاً والتي
أحدثت فرقاً هذا الموسم مع السيدة العجوز , نذكرسيموني بيبي الذي قدم إلى
اليوفي على سبيل الأعارة من أودينيزي, وأكويلاني أيضاً على سبيل الإعارة
من ليفربول الإنكليزي, والأوروغواياني خورخي مارتينيز من كاتانيا, وعنصري
الدفاع اللذين قدما أداءاً ملفتاً هذا الموسم وهما لاعب باري السابق
بونوتشي والدنماركي فريدريك سورنسون الذي قدم بعقد إعارة من نادي لينغبي
الدنماركي. بالطبع لا يمكن عدم ذكر فابيو كولياريللا, مهاجم نابولي الفذ,
الذي سجل هذا الموسم 8 أهداف حتى الآن.
كما لا يمكن عدم القدوم على
ذكر بعض المهارات "المحلية" في اليوفي والتي أظهرت في كل مناسبة أداءاً
مقنعاً وواعداً أمثال باولو دي تشيليي, كلاوديو ماركيزيو.
دور القادة الرموز
عندما تتحدث عن اليوفي وتاريخ اليوفي, لا
يمكنك عدم ذكر الأسماء الكبيرة واللاعبين المخضرمين الذين لا زالوا حتى
اللحظة يعطون جل طاقتهم وولائهم ومحبتهم لنادي السيدة العجوز, كما لا يمكن
عدم ذكر الأهمية المعنوية, ودورهم في تحفيز اللاعبين وطمأنة الجماهير..
وإن كان بعض هؤلاء قد اقتربوا من بداية النهاية, أو ربما النهاية فقط, إلا
أنه لا يمكن لأحد أن لا يلاحظ الأهمية الكبرى لوجود قائد كأليساندرو دل
بييرو مثلاً على أرضية الملعب, أو حتى على دكة البدلاء! فأليساندرو يعتبر
ابن البيانكونيري البار والوفي, الذي رفض الاستغناء عن ألوان القميص
الأبيض والأسود بعد أزمة 2006 التي أدت إلى معاقبة يوفنتوس بالهبوط إلى
الدرجة الثانية وحرمانه من آخر لقبين في السكوديتو, عندها كان دل بييرو في
قمة عطائه وتألقه. فهو هداف اليوفي المطلق (279 هدف), وصاحب أكثر مشاركات
مع النادي على الإطلاق (653 مشاركة), وصاحب أرقام قياسية قد يحتاج أي
لاعب لعشرات السنين أن يتمكن من تحقيقها مع اليوفنتوس بشكل خاص.
ومثل دل بييرو. هناك عدد من الأسماء التي
لطالما أحدثت فرقاً في جميع مشاركاتها مع اليوفي, أمثال الحارس جيانلويجي
بوفون, والمدافع الفذ جيورجيو كييلليني, الذي بوجوده ضمن التشكيلة, يمنح
دائماً الأمان والثقة لزملائه والجاهير على حد سواء.
في النهاية, لا يختلف اثنان,
مهما اختلفت توجهاتهم الرياضية وانتماءاتهم, على أهمية عودة اليوفي إلى
حيث ينتمي, فكل محب وهاوٍ ومتتبع لكرة القدم, يرغب دائماً بمشاهدة أفضل
وأرقى المباريات والمستوايات. وهنالك أسماء كبيرة مرت على تاريخ هذه
اللعبة, لها سمعة عريقة ومحببة من معظم متتبعي كرة القدم, يوفنتوس
بالتأكيد, هو أحدها.