في عام 1992 كان "برشلونة ، أكثر من أي وقت" هو شعار أولمبياد برشلونة ولكن هذا الشعار تغير مجددا بعد مرور سنوات طويلة وأصبح شعار المدينة هو الأسطورة ميسي الذي خلف في العاصمة الكتالونية نشاطا وحيوية وشعورا بالحياة والعالمية أكثر من أي وقت سابق.
وأصبح الشاب الأرجنتيني المتألق ليونيل ميسي نجم هجوم فريق برشلونة الأسباني لكرة القدم هو معشوق مشجعي الساحرة المستديرة في هذه المدينة خاصة وفي العالم كله بشكل عام.
وتحول المهاجم الشاب إلى خطر حقيقي يهدد أسطورة كل من البرازيلي بيليه والأرجنتيني الآخر دييجو مارادونا.
ويستطيع ميسي بالفعل التفوق على أسطورتي بيليه ومارادونا إذا واصل تألقه من خلال بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وقاد منتخب بلاده إلى الفوز باللقب العالمي الثالث لراقصي التانجو والأول منذ عام 1986 .
وقد تسنح الفرصة أمام ميسي من خلال إحدى لحظاته الساحرة التي تبدو على وفاق تام معه.
ويقدم ميسي عادة عروضه الكروية الساحرة على استاد "كامب نو" في برشلونة الذي يشهد عادة نحو 100 ألف مشجعا يحتشدون في مدرجاته مع كل مباراة يخوضها الفريق.
وفي كل مباراة يخوضها ميسي تزداد فرصته في التفوق التام على منافسه الأول على عرش أفضل لاعب في العالم في الوقت الحالي وهو البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الأسباني الذي فشل حتى الآن في فرض نفوذه بالدوري الأسباني في ظل وجود الملك المتوج ميسي.
وقال رونالدو نفسه مؤخرا لدى سؤاله عن ميسي "ميسي لا يلعب بمفرده وزملاؤه يقدمون إليه صنيعا هائلا. أي شخص يمكنه تحليل كرة القدم سيعرف ما أتحدث عنه".
ورغم ذلك ، اعترف رونالدو بقيمة وإمكانيات ميسي حيث قال إنه يرى ميسي بالفعل "ضمن أفضل اللاعبين حاليا ودائما".
وأصبح السبب وراء انتقال ميسي إلى برشلونة معلوما جيدا في الوقت الحالي ، حيث قال والده إنه لم يستطع إيجاد الدعم الذي يحتاجه في الأرجنتين ولذلك اتجه إلى أسبانيا بمساعدة الكشاف جوسيب ماريا مينجيلا وهو نفس الشخص الذي أحضر مارادونا إلى برشلونة من قبل.
واستضاف مينجيلا في منزله الواقع بالقرب من بيدرالبس اللاعب السابق مارادونا في عام 1982 كما استضاف ميسي ووالده في عام 2000 .
وأعجب مينجيلا كثيرا بميسي ولكنه لم يستطع مساعدته وإن اندهش من ولائه الشديد للأرجنتين.
والحقيقة أن ميسي أطلق على منزله بإحدى ضواحي برشلونة لقب "روساريو الصغيرة" نسبة إلى مدينة روساريو مسقط رأسه.
وقال مينجيلا ضاحكا "ميسي منغلق على عائلته. إنه حتى لا يتحدث اللهجة الأسبانية المحلية وإنما يتحدث باللهجة الاسبانية المستخدمة فى الأرجنتين.. ستكون مفاجأة للكتالونيين إذا قال شيئا بلهجتهم".
ولكن ذلك ليس مرجحا ،في الوقت الحالي على الأقل. ووجهت مجلة "رولينج ستون" مؤخرا سؤالا إلى ميسي عما إذا كان يرغب في نقل روساريو بأكملها إلى شواطئ البحر المتوسط ، وأجاب اللاعب "ربما أتمنى ذلك لأنها مدينتي".
ولدى سؤاله عما سيأخذ معه لو سنحت له لأخذ بعض الأشياء القليلة من مدينة روساريو لينقلها معه إلى شواطئ المتوسط ، قال ميسي "لا أعلم ماذا سآخذ معي لأن كل شيء مختلف".
وأوضح ميسي إن "أفضل ذكرياته" ما زالت في روساريو حتى وإن لم ينس أنه ترعرع في برشلونة.
ويبدو وضع ميسي أمرا غير معتاد. كل عائلته تعيش في مدينة برشلونة الأسبانية كما تعيش فيها صديقته أيضا. ولكن إذا سمعته يتحدث وإذا سألت عن تذوقه الموسيقي وإذا تابعت نظامه اليومي ، سترى أنه كلما طال غيابه وابتعاده عن الأرجنتين كلما زاد حنينه وحبه إليها.
كل ذلك على الرغم من حقيقة واضحة وهي أن عام 2009 كان عصيبا للغاية بالنسبة له على مستوى مشاركاته مع المنتخب الأرجنتيني.
وفي الوقت الذي قاد فيه ميسي أوركسترا برشلونة السيمفوني الكروي ليفوز بستة ألقاب في عام 2009 ، عانى اللاعب مرارا خلال مبارياته مع المنتخب الأرجنتيني حيث ظهر بمستوى أقل كثيرا من مستواه مع ناديه.
وصب مشجعو ومعلقو الأرجنتين سيلا من الاتهامات الشديدة على اللاعب الشاب بعدما فشل في الظهور بالمستوى المطلوب منه مع المنتخب الأرجنتيني. وذكر المشجعون والمعلقون "ميسي سيلعب من أجل المال فقط. لا يستطيع أن يشعر بالأرجنتين ، إنه يفتقد الشخصية ولا يعلم السلام الوطني الأرجنتيني".
وصرح الأخصائي البدني خوانيو براو الذي عمل لنحو عقد من الزمان مع ميسي إلى وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قائلا "إنه أمر غير عادل تماما لأن ليونيل (ميسي) يرحب بالموت من أجل بلاده ، إنه يحب اللعب للمنتخب الوطني".
ويتعامل براو مع ميسي لمدة 350 يوما في كل عام وأصبحت العلاقة بينهما على ما يرام لأن جسد ميسي الذي كان عرضة للإصابة بشكل مستمر أصبح أقوى كثيرا في آخر عام ونصف العام.
وقال الأرجنتيني دييجو بيروتي نجم فريق أشبيلية الأسباني مازحا "إذا ركلته (ميسي) فإنك من سيصاب".
ويفضل ميسي طبق أرجنتيني يطلق عليه "ميلانيزا نابوليتانا" كما يعشق الشيكولاتة والآيس كريم بالفراولة بالإضافة للفواكه والخضروات.
ونجح ميسي من خلال الإصرار الشديد على التألق في أن يصبح كما هو الآن حيث يستطيع تسجيل الأهداف بشكل رائع سواء بقدمه اليمنى أو برأسه كما يستطيع اللعب في خط الوسط وفي مركز صانع اللعب وكذلك في مركز رأس الحربة وذلك كله في غضون ثوان قليلة.
وكذلك كان رد ميسي على الانتقادات العنيفة التي وجهت إليه في الأرجنتين حيث التزم الصمت ورد بالأداء الرائع في الملعب والعروض الراقية والأهداف الغزيرة والتي كان في مقدمتها أهدافه الأربعة في لقاء برشلونة مع أرسنال بدوري أبطال أوروبا في نيسان/أبريل الماضي.
كذلك حظي ميسي بإشادة هائلة من مارادونا المدير الفني الحالي للمنتخب الأرجنتيني والذي يتقبل حاليا عقد المقارنات بين ميسي من ناحية وبينه والبرازيلي بيليه من ناحية أخرى.
وفي برشلونة ، لم يعد هناك أي قلق. لأن العروض الهزيلة لميسي مع المنتخب الأرجنتيني لا تؤثر على الإطلاق في أدائه مع برشلونة في المباريات التالية مباشرة.
--------------------------------------------------------------------------------